نحو حكومة إرترية في المنفى: المتطلبات والتوقعات
(مذكرة حول توضيح المفهوم)
١. المنطلقات المنطقية:
توضِّح هذه المذكرة خطوطاً عريضة للإجراءات والنتائج الخاصة بتأسيس حكومة إرترية في المنفى؛ وتأتي ضرورة هذه الخطوة لأنَّ السلطة الحاكمة في إرتريا قد فقدت شرعيتها في الحكم على الأسس القانونية والسياسية والاقتصادية التالية:
١-١ الأسس القانونية – انعدام شرعية النظام الحاكم:
أ. إثر سيطرة الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا على كامل التراب الإرتري وفرضها لسلطتها عليه، أصدرت الإعلان رقم ٢٣\١٩٩٢ بشأن تركيبة وحكم وأداء الحكومة الإرترية المؤقتة. بيَّن الإعلان بطريقة لا لبس فيها أنَّ الحكومة الإرترية المؤقتة ستحكم حتى “يقرِّر الشعب الإرتري حقَّه في تقرير مصيره عبر الاستفتاء وتشكيل حكومة دستورية، على أن تتولَّى الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا خلال المرحلة الانتقالية مسؤولية تأسيس حكومة انتقالية لتوصيل النضال الإرتري من أجل الاستقلال إلى وجهته النهائية .
ب. انتهى التفويض مع إجراء استفتاء ناجح العام ١٩٩٣ أعطى الاستقلال الفعلي لإرتريا صبغته القانونية، فنالت بموجبه الاستقلال والسيادة الوطنية وحصُلت على اعتراف دولي.
ج. في عشية الاستفتاء تمَّ تعديل الإعلان رقم ٢٣\١٩٩٢ إلى الإعلان رقم ٣٧\١٩٩٣، فحوَّلت بموجبه الحكومة الارترية المؤقتة نفسها إلى حكومة انتقالية لإرتريا. وبناءً على هذا الإعلان تتولَّى الحكومة الانتقالية الحكم حتى التصديق على الدستور. وعلاوة على ذلك، نصَّ الإعلان على تقسيم السلطات وتحديد الضوابط والتوازنات. وتمَّ بناءً عليه التأسيس الرسمي للأفرع الثلاث للدولة؛ وتحديداً: تأسَّس برلمان من غرفة واحدة بإنشاء الجمعية الوطنية “المجلس الوطني”؛ وقضاء مستقل؛ وهيئة تنفيذية “مجلس الوزراء” بقيادة رئيس الدولة.
د. تمَّت المصادقة على الدستور في مايو ١٩٩٧. بالرغم من ذلك، استغل النظام ثغرة في الدستور المُصادَق عليه أغفلت تاريخ سريان مفعوله، فاستمرَّ في الحكم دون أي تفويض قانوني ما بين ما١٩٩٧ و مايو١٩٩٨.
ه. منحت الحرب الحدودية مع إثيوبيا النظام الحاكم فرصة للاستمرار في الحكم ما بين مايو ١٩٩٨ – و ديسمبر ٢٠٠٠ تحت حكومة طوارئ غير معلنة. وبحلول العام٢٠٠٢، فقد المجلس الوطني صلاحياته واستمرَّ النظام في الحكم بدون تفويض قانوني، بذريعة ما عُرِفَ بحالة “اللاحرب-اللاسلم”.
و. بالتوقيع على اتفاق السلم والصداقة مع إثيوبيا في العام ٢٠١٨، انتهت كل الذرائع التي استخدمها النظام لثلاثين عاماً لتبرير حكم الرجل الواحد الذي استمرَّ وما يزال دون أي أساس قانوني يقف عليه.
١-٢ الأسس السياسية :
أ. تبرهن الحقائق المذكورة أعلاه على أنَّ لاشرعية النظام هي ضد قيم وتقاليد الشعب الإرتري الذي أسَّس لنظم تشريعية معقَّدة لحكم وقيادة الحياة العامة والخاصة على مرِّ العهود. وهي أيضاً ضد المبادئ القيمية والأهداف الصادرة عن الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا في مؤتمرَيْها الوطني الثاني في العام ١٩٨٧ والثالث في العام ١٩٩٤. إنَّ هاتين الوثيقتين هما بمثابة عقود اجتماعية قدَّمتهما الجبهة الشعبية سابقاً، أو لاحقاً الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة – قدَّمتها للإرتريين الذين آمنوا بشرعيتها الثورية للحكم.
ب. من غير إسهاب، ينصُّ الميثاق الوطني للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، والذي تبنَّاه الحزب الحاكم في أبريل ١٩٩٤، على:
“التأكيد على نظام سياسي – مؤسَّس على ضمان مشاركة الشعب في القرارت المحلية والشؤون الوطنية، ومبني على القاعدة الشعبية التي تؤسِّس لامركزية الحكم والتعددية السياسية والتسامح والمساءلة والشفافية واحترام الحقوق والحريات الأساسية للتظيمات السياسية وحرية التعبير، على أن يكون نظاماً ديمقراطياً تشاركياً ومتعدداً. وزيادة على ذلك، ينصُّ الميثاق على: “أنَّ القيادة مسؤولية جماعية. وعليه، يُعدُّ أمراً أساسياً أن تكون هناك إجراءات مؤسَّسية لتمكين القيادة من التداول والتنفيذ والمراجعة الجماعية. ومن المهم عقد اجتماعات منتظمة على كل المستويات؛ وأن تُؤخَذَ هذه الاجتماعات على محمل الجد، وتكونُ طرقاً للتداول وصناعة القرارات. وإن لم يُطبَق ذلك، ستضعف وحدة القيادة ويتضاءل الحماس وتسود هيمنة قرارات الفرد الواحد، بدلاً عن الجماعة، وما سيتبع ذلك من جوانب قصور غير مرغوبة. ومع ذلك، تحدَّت الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة عقدها الاجتماعي الخاص، وبانتظام خلال الثلاثين عاماً الماضية. وفي واقع الأمر، إنَّ فشل الجبهة الشعبية في عقد مؤتمرها التنظيمي التالي قلَّصها إلى منظمة سياسية وهمية، ذات هيكلية بالية لصنع القرارات، وليست أكثر من أداة لأهواء رجل واحد.
ج. كانت توقعات الشعب الإرتري منذ البداية أنَّ استقلال إرتريا فاتحة لعهد جديد من التصالح والانسجام الوطني على أسس الاندماج والقبول. وتبعاً لذلك، لم يكن من المتوقع أن تؤسِّس نفسها كحكومة في العام ١٩٩١، على حساب إبعاد المجموعات السياسية الوطنية الأخرى. إنَّ الانغماس في موقف “ينفردُ فيه المنتصر بكل شيء”، والمستمرُّ لثلاثين عاماً، لم يكن متخيَّلاً للشعب الإرتري الذي قدَّم عظيم التضحيات من أجل استقلاله الوطني.
د. أدَّت سلطة الفرد الواحد الاحتكارية – غير الشرعية إلى غياب كل من دور القانون والفضاء السياسي الإرتري. لقد أصبح نظام الحكم مقروناً بثقافة الإفلات من العقاب والخوف. وتشهد على ذلك تقارير كثيرة مستقلة، بما فيها تقارير لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق ٢٠١٥-٢٠١٦، ومنظمة العفو الدولية “أمنستي إنترناشيونال”، ومنظمة هيومن رايتس، وغيرها. في العام ٢٠٢٠، وفيما يتعلَّق بحرية التعبير عن الرأي، احتلَّت إرتريا المرتبة ١٧٨ من بين ١٨٠ بلداً. أمَّا فيما يتعلَّق بالشفافية والفساد، كانت مرتبة إرتريا ١٩٣ من ١٩٨ بلداً. وفي نظام الحكم، كانت في المرتبة ٥٢ من ٥٤ بلداً أفريقياً، متقدمةً فقط على جنوب السودان والصومال.
ه. لمواجهة الحقائق المذكورة، لا يمَلُّ النظام من ذكر الخطوات القانونية التي يدَّعي أنَّه اتَّخذها. وغالباً ما يتمُّ ذكر الإعلان رقم ٨٦\١٩٩٦ الذي أسَّس لهيكل الحكومات المحلية في إرتريا”، نسخة معدَّلة عن الإعلان رقم ٢٦\١٩٩٢”، وذلك في معرض ردِّه على ضعف أداء حكمه ومشاركة الشعب في العملية السياسية، التي فرضت القيادة على المجتمعات بالمحسوبية، وانتهكت حقوق المواطنين تعسُّفياً دون عدالة أو إجراءات قانونية. يذكر ممثلو النظام القوانين المدنية والجنائية لإعلان العام ٢٠١٥، باعتبارها حججاً مضادة لانتهاكاتهم لحقوق الإنسان مع الإفلات من العقاب. وبالرغم من المحتوى الرائع لهاتين الوثيقتين التشريعيتين، إلَّا أنَّ النظام لم يكن ولن يكونَ له النيَّة في تطبيقهما.
و. يذهب النظام أبعد من ذلك في انتهاكه لإعلان الخدمة الوطنية ٥\١٩٩٥، بالحكم على الشباب بالخدمة الأبدية التي تحرمهم من فرص بناء حيواتهم الخاصة. وليزداد الأمر سوءاً، تحت غطاء “تعزيز السلام” على إثر توقيع اتفاق “السلام والصداقة”، تدخَّل النظام عسكرياً في صراع إثيوبي داخلي، معرِّضاً بذلك حياة الآلاف من الشباب للخطر.
١.https://rsf.org/en/ranking_table
٢.https://risk-indexes.com/wp-content/uploads/2020/11/Brochure_GCI_EN_2020.pdf
٣.2020-index-report.pdf
وهكذا مرَّةً أخرى، حُكِمَ على الشباب الإرتري الخوض في حرب لاجدوى منها “الرابعة منذ الاستقلال”. وبهذه المغامرة العسكرية، يزجُّ النظام إرتريا في دائرة الكونفدرالية الإثيوبية دون تفويض شعبي، الأمر الذي كان وراء اندلاع الكفاح المسلح الذي ضحَّى الآلاف من الإرتريين بحياتهم في سبيله.
١-٣ الأسس الاجتماعية- الاقتصادية:
أ. يدَّعي النظام أنَّه يتَّبع سياسة اجتماعية- اقتصادية متقدمة، تقوم على مبدأ “الاعتماد على الذات” وتحقيق إنجازات مهمَّة في هذا الإطار. ولكن لا يمكن لأيِّ شخص التحقُّق من هذا الأداء لعدم توفُّر البيِّنات حوله، وذلك بسبب ثقافة السرِّية التامَّة التي يتَّبعها النظام. وبغضِّ النظر عمَّا يمكن أن نقول به بشأنِ وجود بيِّنات أم عدمه، فإنَّ الحياة العادية للإنسان الإرتري هي خيرُ دليل. وفي واقع الأمر، إنَّ نظام الحصص التموينية الذي يعتمده النظام على مدى السنوات الماضية قد أودى بمعظم الإرتريين إلى الاعتماد على الهبات. ويعاني ليس فقط الأطفال وكبار السن من سوء التغذية، بل الشباب أيضاً الذين يؤدُّون الخدمة العسكرية؛ والفقر أصبح متفشيَّاً. وحقيقة الأمر، لولا المساعدات التي تأتي من خارج البلاد، لعانت عائلات كثيرة من الفقر والمجاعة. هذا الوضع ازداد شدَّةً بفرض النظام لإجراءات الحظر الصحي، بسبب تفشِّي فيروس الكورونا مابين “أبريل٢٠٢٠- مارس٢٠٢١”.
ب. لتقديم رأي تحليلي فيما يتعلَّق بالوضع الاجتماعي- الاقتصادي في إرتريا، يكفي أن نشير إلى بعض النقاط البيانية. يشير تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية للعام٢٠٢٠ إلى أنَّ وضع التنمية البشرية لإرتريا للعام ٢٠١٩ يصِلُ إلى 0.459 تحت الحدِّ الأدنى 0.513 لمجموعة الدول المتدنية في التنمية البشرية؛ وهو تحت الحدِّ المتوسط لدول الصحراء الأفريقية، الذي يصِلُ إلى 0.547. وتأتي إرتريا في المرتبة ١٨٠ من أصل ١٨٩ في فهرس التنمية البشرية.
في الثلاثين عاماً الماضية منذ الاستقلال، نلاحظ التقدُّم الهامشي المسجَّل لإجمالي الدخل القومي ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة. وهكذا، تدنَّى معدَّل سنوات الدراسة بين الأطفال والشباب، عكس ما يدَّعيه النظام، إلى 3.8 للعام ١٩٩١، مقابل 5.0 للعام ٢٠١٩”؛ مقارنةً بإثيوبيا بمعدَّل” 2.5 للعام ١٩٩٥، مقابل 5.0 للعام ٢٠١٩”. تؤكِّد مجموعة البنك الأفريقي للتنمية للعام ٢٠٢١: أنَّ الفقر ينتشر عندما يصِلُ معدَّل دخل العامل إلى 3.10 دولار، مقابل القوة الشرائية؛ ويُقدَّر ذلك بنسبة 75.2 من القوة العاملة. ويجب ملاحظة أنَّ هؤلاء العمال الفقراء هم مَن يعملون بدون أجور، تحت مُسمَّى الخدمة الوطنية .
ج. دفعت التعبئة العسكرية المستمرَّة، والتي تتمحور حول الخدمة الوطنية والإفلات من العقاب والأمن والسلامة الشخصية، بمئات الآلاف من الشباب الإرتري إلى مغادرة البلاد والبحث عن ملجأ آمن. ذكرت المفوَّضية العليا لشوؤن اللاجئين، في تقريرها الأخير للعام ٢٠١٩، أنَّ نحو ٦٠٠٠ من الإرتريين يغادرون إرتريا شهرياً بحثاً عن الحماية، بل أكثر من ذلك؛ 15.4% من هولاء اللاجئين هم من القُصَّر غير المصحوبين. يُضافُ هذا النزوح إلى عهود طويلة من النزوح الإرتري خلال الثلاثين عاماً من حرب التحرير، ويتركُ ندوباً على النسيج الاجتماعي الإرتري الذي يستند على التماسك العائلي.
د. بالرغم من أنَّ هذا الحرمان الاجتماعي قد تضرَّر منه الشباب، إلَّا أنَّ النساء والأطفال هم الأكثر تضرُّراً منه. تتحمَّل النساء في داخل البلاد مسؤولية رعاية الأطفال وكبار السن من غير مصادر مالية كافية، في ظل غياب المُعيل التقليدي أي “الرجل” أو بسبب الخدمة العسكرية غير المحدودة أو اللجوء. هذا إذا لم يتم جرُّ النساء إلى الخدمة العسكرية، حيث يواجهن المعاملة القاسية والتحرُّش الجنسي؛ كما تُجبَرُ الفتيات الصغيرات على الزواج القسري لتجنُّب الخدمة الوطنية الإلزامية. وغالباً ما يكون هذا الزواج من رجال كبار في السن من المهاجرين الذين ينعمون بأوضاع مادية أفضل، ممَّا يخلق علاقة غير متوازنة أو متساوية تعاني فيها الفتيات الشابات كثيراً. أمَّا الخيار الآخر أمام الفتيات الشابات، فهو مغادرة البلاد بحثاً عن الأمان. كما تقع الفتيات خلال الرحلة، تماماً مثل الشباب الذكور، ضحايا للعديد من الانتهاكات، بما في ذلك انتهاكات جنسية تترك آثاراً نفسية عميقة طيلة حياتهن.
٤.ERI.pdf
٥. https://www.afdb.org/en/countries/east-africa/eritrea/eritrea-economic-outlook.
٦.https://eritreanrefugees.org/refugee-stats/
ه. بالرغم من أنَّ الميثاق الوطني للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة قد صمَّم على “أنَّ بناء نظام اقتصادي يلبي احتياجات الأغلبية وتحسين ظروفهم المعيشية وإيجاد تنمية عادلة تُدارُ من خلال اقتصاد السوق، وتشجِّع على الاستثمار الخاص والمبادرات والمنافسة بما يضمن نمواً اقتصادياً متوازناً”، إلَّا أنَّ الواقع بعيد عن هذه الطموحات. ففي واقع الأمر، قامت الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة على ترسيح اقتصاد الحصص التموينية وتدمير القطاع الخاص وتهجير قطاع الإنتاج، ودفع الناس إلى حالة الفقر المدقع وسوء التغذية. في الواقع، ونسبة لسياساتها الخاطئة وانعدام الإصلاح والابتكار مقرونَيْن بنقصٍ في القوة العاملة (تجنيد الشباب المنتج في الخدمة العسكرية غير المحدودة)، أُصيب القطاع المُنتِج، بما في ذلك القطاع الزراعي، بالشلل الدائم. إنَّ الزراعة المستدامة، وهي مصدر حياة لنحو ٨٠٪ من السكان، لم يتم إصلاحها على مدى ثلاثين عاماً منذ الاستقلال، ولهذا ضعُفت .على سبيل المثال، تقول منظمة إيفاد (IFAD) إنَّ ٦٥٪ من سكان الريف الإرتري فقراء، ويواجه ٣٧٪ منهم تهديداً كبيراً بانعدام الأمن الغذائي؛ ويهبط هذا المعدَّل إلى ٢٥٪ في مواسم شُحِّ الأمطار.
و. لقد نكثت الجبهة الشعبية بعهودها لتضييق التفاوت التاريخي واللامساوة الاجتماعية – الاقتصادية بين الريف والمدينة، إضافةً إلى الانقسامات العرقية -اللغوية. وعلى فقرها، فإنَّ الخدمات والمصالح العامة تُقدَّم بأسلوب وضيع وغير مُنصِف.
١-٤ المعارضة :
أ. إنَّ المعارضة التي أُجبِرت على التهجير لانعدام الفضاء السياسي في إرتريا، قد شكَّلت على مدى العشرين إلى ثلاثين عاماً الماضية جُلَّ العملَ المقاوِم. إلَّا أنَّها لم تتمكَّن من مراكمة حملة فعَّالة ومستمرَّة لاقتلاع النظام من السلطة .
ب. يعود السبب في ذلك إلى عدم قدرتها على تشكيل إدراة موحَّدة لعملٍ منسَّق وموحَّد، وإلى أنَّها اختارت خلق مجموعاتٍ سياسية جديدة هشَّة تخدم دوائرَ مخصَّصة، بدلاً من ترسيخ نفسها عبر التنظيمات التي كانت قائمة أصلاً.
ج. أدَّى هذا التشتُّت إلى استقواء المجموعات الهشَّة والتي تمتلك منصَّات سياسية خطيرة، تشكِّك في وجود الدولة الإرترية من أساسها وإمكانية تجانسها بخلق فضاء سياسي موحَّد، ومن ثمَّ الهيمنة على الخطاب السياسي الإرتري بمجمله.
وعليه، وبقدر ما تمَّ مناقشته بشكلٍ متواتر في المجال العام الإرتري على مرِّ السنين، فإنَّ مبادرة تأسيس حكومة في المنفى هي مبادرةٌ جريئة، تسعى إلى تسريع النضال من أجل تحقيق الديمقراطية في إرتريا.
أ. تأخذ الفكرة بعين الاعتبار وبجدية العبر من النجاحات والتحديات التي واجهت الوحدة الوطنية في السنوات السابقة.
ب. تستند الفكرة على رؤية نقدية وفهم عميق للشعب الإرتري ونضالاته السابقة والحالية من أجل تحقيق الديمقراطية في إرتريا، وتحديد المسار الذي يجب اتِّخاذه على المدَيَيْن القصير والمتوسط في المستقبل.
ج. تضع الفكرة أولويةً لما يجري هنا والآن من أجل إنقاذ الشعب الإرتري من القهر الطويل وإهانة الكرامة وانفراط دولته الذي يلوح في الأفق.
٧.https://www.ifad.org/en/web/operations/w/country/eritrea
د. تستند الفكرة على الإيمان الثابت بأنَّ حقوق الشعوب وكرامتها والحفاظ على هويتها الوطنية لا تنفصمُ عُراها عن الوطن الأم، وحماية استقلال إرتريا الغالي وسيادة ووحدة أراضيها.
ومن الأهمية القصوى أيضاً إبراز النقاط التالية:
ه. تطور المفهوم وصياغة المبادرة لتأسيس حكومة في المنفى لا يتمُّ بإقصاء أو على حساب الإرتريين في الداخل الذين لا يملكون المساحة ولا الوسائل لتنظيم أنفسهم سياسياً والتعبير عن رؤاهم.
و. في الواقع، سعت المبادرة بكل الطرق الممكنة إلى التماس الأفكار والآراء والمواقف من داخل إرتريا، لتستند على الوضع الإرتري السائد في الداخل والخارج .
ز. وبالتالي: بينما تعمل المبادرة على صون جوهر أهدافها ومبادئها الأساسية، إلَّا أنَّها في نفس الوقت وثيقة حيَّة، قابلة للإثراء عبر النقاشات والحوارات والمشورات التي يجريها القائمون عليها مع شرائحَ متعدِّدة من مجتمعنا وبطرق مختلفة .
٢. النتائج المتوقعة:
النتائج المتوقعة من هذا الإجراء هو تأسيس حكومة في المنفى، تتمتَّع بدعم جماهيري واسع وقادرة على تمثيل المصالح الوطنية للإرتريين ونشر التغيير السياسي في البلاد .
٣. حكومة في المنفى:
يجب أن تتألَّف حكومة المنفى من هيئتين، هما: المجلس الاستشاري والمجلس التنفيذي. وعلى حكومة المنفى العمل بالمبادئ السياسية التي يتبنَّاها المجلس الاستشاري .
٣. ١ المجلس الاستشاري:
يجب أن يتكوَّن المجلس الاستشاري من ممثلين عن المجموعات الإرترية السياسية والمدنية في المهجر، وكذلك من الشخصيات العامَّة البارزة. وسيتمُّ تحديد عدد الممثلين من القائمة المرسلة من المنظمات السياسية والمدنية بتحاصُص نسبي يُؤسَّسُ لاحقاً.
٣. ١. ١ التفويض:
يجب أن يكون تفويض المجلس الاستشاري، ضمن مسؤوليات أخرى، على النحو التالي:
– تبنِّي المباديء السياسية العامة كوثيقة مُلزِمة لحكومة المنفى.
– التصديق على مرشحي المجلس التنفيذي.
– انتخاب رئيس المجلس التنفيذي وأعضاء المكتب الآخرين للمناصب والمسؤوليات المحدَّدة.
– في ظل الظروف الراهنة، يقوم بالمهام الاستشارية.
– نظراً للظروف الراهنة، يشرف على عمل المجلس التنفيذي .
– حشد كل الإرتريين في المهجر حول القضية الوطنية.
– العمل على تقوية النسيج الاجتماعي للإرتريين.
– تطوير نظم إجراءاتها وهياكل لجانها الداخلية،
– القيام بكل المهام الموكلة إليها.
٣. ١. ٢ مدَّة القيام بأعباء المكتب الاستشاري:
سيؤدي أعضاء المكتب الاستشاري مهامهم في مناصبهم لمدَّة لا تزيد عن ٢٤ شهراً من تاريخ تأديتهم للقسم. وفي حال حدوث تغيير سياسي في إرتريا، يعقد المجلس اجتماعاً استثنائياً لتقييم الوضع وتقرير مصيره.
٣. ٢ المجلس التنفيذي:
يجب أن يتكوَّن المجلس التنفيذي من مهنيين ذوي خبرات شخصية ومكانة اجتماعية وسياسية معتبرة.
يُقدَّم المرشَّحون من قبل لجنة مشتركة، تتألَّف من لجنة يشكِّلها المجلس الاستشاري الذي يعمل بالتنسيق مع فريق العمل الوطني.
يجب أن يُصادَق على أعضاء المجلس التنفيذي من قبل المجلس الاستشاري قبل تولِّيهم مناصبهم.
٣. ٢. ١ التفويض:
يجب أن يكون تفويض المجلس التنفيذي، ضمن مسؤوليات أخرى، على النحو التالي:
– الإشراف على الشوؤن الوطنية وإدارتها.
– تمثيل إرتريا والإرتريين والتحدُّث باسمهم في المحافل الدولية.
– تنسيق كل المناشط السياسية الوطنية.
– القيام بكل المهام الموكلة إليه من قبل المجلس الاستشاري .
إضافةً إلى ذلك، يجب أن يكون للمجلس التنفيذي وكل الأقسام اختصاصاتها وخطة عمل مدَّتها عامان ونصف العام؛ ويجب أن تُشمل كل هذه التفاصيل في وثائقَ منفصلة .
٣. ٢. ٢ الأقسام:
يترأس المجلس التنفيذي تحت إدارة رئيسه تسع مكاتب إدارية يرأسها مديرون؛ وهؤلاء المديرون هم:
١- مدير مكتب الرئاسة.
٢- مدير مكتب نائب الرئيس .
٣- مدير مكتب العلاقات الدولية والدبلوماسية.
٤- مدير مكتب إعادة البناء والتنمية الاقتصادية.
٥- مدير الإدارة المالية (الخزانة).
٦- مدير إدارة الإعلام.
٧- مدير إدارة الشؤون الاجتماعية والإنسانية .
٨- مدير إدارة الشؤون الانتقالية والدستورية.
٩- مدير إدارة الأمن والسلامة.
٣. ٢. ٢ يتلو المتحدث باسم المجلس الاستشاري “انظر أدناه” صيغة القسم لترديدها من قبل روؤساء الإدارات. يخدم أعضاء المجلس التنفيذي في مهمامهم لمدَّة ٣٠ شهراً.
٤. العملية السياسية:
٤. ١ المرحلة الأولى: تأسيس فريق العمل الوطني.
٤. ١ . ١ مهامه :
يجب أن يفوَّض فريق العمل الوطني للقيام بمهام: المبادرة، والتسهيل، والإشراف على إجراءات تشكيل حكومة المنفى. والفريقُ مسؤولٌ أيضاً عن التواصل مع التنظيمات السياسية وأجهزة الإعلام بشأنِ هذه الإجراءات، حسب الضرورة. وتنتهي صلاحية فريق العمل الوطني مع تشكيل حكومة المنفى، إلَّا إذا تقرَّر فيما بعد خلاف ذلك من قبل الحكومة.
٤. ١ . ٢ تكوينه:
يتشكَّل فريق العمل الوطني من عضوية لا تقلُّ عن خمسة أشخاص. ينضمُّ الأعضاء إلى الفريق بدعوة تُقدَّمُ لهم بناءً على المواصفات التالية: “ملاحظة: قد لا تتوفر كل هذه المواصفات في شخص واحد، ولذا يجب الأخذ بعين الاعتبار حين تشكيل الفريق أنَّ الأشخاص والمواصفات تُكمِّلُ بعضها البعض”. ويحقُّ لفريق العمل الوطني الاستعانة عند الضرورة بأشخاص آخرين لتقديم خدمات ودعم محدَّدين.
-السمات الشخصية: أن يكون شخصاً مشهوداً له بالنزاهة، بعيداً عن السجالات السياسية؛ متواضعاً ومستعِدَّاً لخدمة الصالح العام.
– القناعات السياسية: أن يكون شخصاً مؤمناً بالكرامة والسيادة الوطنية وتنوُّع ووحدة الشعب، وله إسهامات إيجابية في العمل الوطني.
– المعرفة: أن يكون مُلِمَّاً وبعمق بالتاريخ السياسي الإرتري المعاصر؛ وعلى معرفة جيدة بالتضاريس السياسية للمعارضة في المهجر، بتعدُّد أوجهها.
– الكفاءة: أن يكون معروفاً بأنَّ لديه مهارات تحليلية وتسهيلية، وأن يكون معتدلاً ولديه مهارات في التواصل الاجتماعي.
٤. ٢ المرحلة الثانية: التشاور والتواصل.
– يقوم فريق العمل الوطني بالتشاور مع المجموعات السياسية والمدنية وكذلك أصحاب المصلحة الذين بإمكانهم لعب دور في إنجاح العملية السياسية.
– يعمل فريق العمل الوطني من خلال المشاورات على تقديم وتوضيح مفهوم حكومة المنفى والحصول على الإجماع والالتزام بمضامينه لدى المنظمات والأفراد المؤثرين.
– يتواصل فريق العمل الوطني مع مجموعات متنوِّعة وجمهور واسع من خلال عقد الندوات العامة وعبر أجهزة الإعلام لنشر الوعي ورفع الدعم الشعبي لهذه العملية السياسية ونتائجها.
– يقدم فريق العمل الوطني، عند الطلب، الدعم الضروري للمجموعات السياسية والمدنية المؤهَّلة، في مجال برمجة وتغطية مؤتمراتها.
٤. ٣ المرحلة الثالثة: المؤتمرات الانتخابية المتزامنة.
– على المنظمات السياسية والمدنية عقد مؤتمراتها الداخلية لاختيار ممثليها في المجلس الاستشاري، حسب الإجراءات الخاصة بهم.
– وبالمثل: على المنظمات المدنية عقد مؤتمر شامل لمناقشة خارطة الطريق نحو تأسيس حكومة في المنفى؛ وعليها اختيار ممثليها في المجلس الاستشاري.
– فريق العمل الوطني مستعِدٌّ لتقديم الدعم الفني للمنظمات السياسية والمدنية لعقد مؤتمرات ناجحة.
– تتقدَّم المنظمات علناً بأسماء ممثِّليها في المجلس الاستشاري.
٤. ٤ المرحلة الرابعة: الجلسة الافتتاحية العامة.
– يتشكَّل المجلس الاستشاري وبشكلٍ رسمي في الجلسة الافتتاحية العامة.
– يترأس رئيس فريق العمل الوطني الجلسة الافتتاحية العامة.
– تعتمد الجلسة الافتتاحية العامة قواعد المجلس الاستشاري (سيتمُّ تضمينها في وثيقة منفصلة).
– تختار الجلسة الافتتاحية رئيساً لها، ونائبين للرئيس؛ وتنشئ مكتب الأمين العام الذي يشرف على الشؤون الداخلية للمجلس.
– يجب على الجلسة الافتتاحية العامة اعتماد نظام الترشُّح والانتخاب للمجلس التنفيذي (إجراءات الترشيح ستُضمَّن في وثيقة منفصلة).
Leave A Reply